نبذة عن محمد منلا غزيل
هو الأديب والمفكر والشاعر الإسلامي الكبير محمد بن منلا (عبد المولى) بن محمد الدرويش، وغزيل هو لقب شعبي لجده اشتهر به بين الناس، وأمه هي (فضة بنت محمد النعسان) من عشيرة النعيم، وقد توفيت في عام 1952م، وكان لـفقدها أثرٌ كبيرٌ في نفسه، وكتب عنها فيما بعد أقصوصة بعنوان (الأم الطيبة)، وفيها وصف حي للحظات الوفاة.ولد الشاعر في مدينة منبج في شهر كانون الأول عام 1936، وفيها نشأ، وألقى من على منابرها أشهر قصائده. وعندما بلغ السابعة من عمره أرسله والده إلى كُتَّاب الشيخ يوسف، ثم تلقى تعليمه الأولي في جامع الشيخ عقيل المنبجي، ثم اهتم بحفظ القرآن وحفظ قصائد من الشعر على يد الشيخ عبد الرحمن الداغستاني.
" النموذج " عام 1944 م ، بعد إتمام المرحلة الابتدائية ، أنتقل الى حلب لعدم توفر مدرسة للمرحلة الإعدادية في منبج ، فدخل الى مدرسة المأمون ، لينهي المرحلة الإعدادية فيها بتفوق عام 1954 م ، وتابع الدراسة في المرحلة الثانوية ، في ثانوية إبراهيم هنانو ، فأتم المرحلة الثانوية فيها ، وكان من الأوائل ، ثم أنتسب الى جامعة دمشق كلية الآداب ، وتخرج منها عام 1961 م بتفوق ، وأكمل دراسة " "الدبلوم " في التربية من كلية التربية عام1962 م ، فأخذ يُدرس من خارج الملاك.....
عمل في مجال التدريس مدة من الزمن حتى أحيل إلى التقاعد لأسباب صحية خاصّة في تاريخ 15 نيسان 1969م ، وانصرف بعد ذلك إلى الإنتاج الأدبي ، وتدريس بعض الساعات في اللغة العربية تكليفاً حتى عام 1977م ، وبعدها اعتزل التدريس تماماً
أحب الشعر منذ طفولته ففي عام 1949 عندما كان في الصف الخامس الابتدائي ظهرت موهبته الشعرية والأدبية فكانت له أول تجربة شعرية وهو يتغنى بمنبج بلدته الحبيبة بقصيدة عنوانها «تحية دمشق» قال فيها :
سلامٌ جلَّق مدفن آبائي
ومنبعَ نهرِ البطولةِ والإباء
سلامٌ من محبّ متيّم في
هوى ذات الهمة القعساء
أهم أعمال محمد منلا غزيل الادبية
1- في ظلال الدعوة ، وقد صدر في حلب عام 1956م وكان الشاعر في العشرين من عمره ، ثم صدرت طبعة ثانية منقحة في حماة بنفس العام.
2- الصبح القريب، وقد صدر عام 1959 م وهو في السنة الثانية في قسم اللغة العربية ، وقدم له الأستاذ عصام العطار .
3- الله والطاغوت؛ فقد صدر في 28 آذار 1962 م ، وهو في صف الدبلوم العامة في كلية التربية . وقد جمع مختارات من شعره في المجموعات الثلاث السابقة بديوان مستقل عنوانه ( اللؤلؤ المكنون ) عام 1962 . ثم توقف عن الكتابة حتى عام 1971م ؛ فعاد واستأنف إنتاجه الأدبي فأصدر عدداً من المجموعات هي (طاقة الريحان) 1974م، ثم (البنيان المرصوص) عام 1975م ، ثم (اللواء الأبيض) 1978م .
وإلى جانب هذا الإنتاج الشعري كان يكتب في مجلة «حضارة الإسلام» بعض المقالات التي جمعها في ثلاثة كتب نثرية : أولها : بعنوان (على طريق الوعي الحضاري العربي الإسلامي). وثانيها: بعنوان (في رحاب الأدب العربي) ويضم عدداً من المحاضرات الأدبية. وثالثها : بعنوان (كلمات على طريق الوعي الحضاري) ، طبع في حلب بالمكتبة العربية عام 1978م ، 88 صفحة. وظلَّ يكتب حتى آواخر عام 1977م حيث صدرت أعماله الشعرية في مجلد واحد، وكذلك صدرت أعماله النثرية موزعة على العناوين الثلاثة السابقة.
وهذه الأبيات من قصيدته " على أسوار دمشق " ، حيث دخل بها مسابقة أدبية في دمشق عام 1960 م ، وفازت في الجائزة الأولى .
. . ((( على أسوار دمشق )))
الصخرة الشماء سامقة الذرى
والطود راس شامخ البنيان
والناطحون تحطمت أهواؤهم
ذهبت جفاء نفثة الثعبان
وعناكب التضليل ضل بخورها
وخلت هياكلها من الكهان
زبد الضغينة قد تلاشى وارتمى
مزقا على الأسوار والجدران
والغرسة المعطاء يصعد فرعها
يسمو عتيا وارف الأفنان
عرف عنه أنه عفيف النفس ، صادق العاطفة ، رقيق القلب، ولا غرابة في ذلك ؛ فالشعر مرآة روح الشاعر، وصوت فؤاده ، وهمس وجدانه، وشعره حافل بكل ما يمتاز به من نبوغ وجرأة ومروءة وشمم وإباء . وهو صاحب القلب السليم الصافي من الضغائن والأحقاد ؛ فعلاقته طيبة مع أبناء مدينته وكل الدعاة والعلماء وطلاب العلم، يسمع من صغيرهم وكبيرهم، ويشجعهم على الكلام ويحضر مجالسهم ومناسباتهم بكل تواضع وسعة صدر.
عندما كتب عميد الأدب العربي طه حسين .....وقال : مشككا في الشعر الجاهلي ، وكيف ينسب الى أمة جاهلية ؟!..،.....رد عليه غزيل بقوله : سوف يأتي يوم ويقول العرب : كيف وضعَ أجدادنا أعمى عميداً للادب العربي.
وهو يردد كثيراً المثل الصيني الذي يقول: (إن ذوي العقول الكبيرة يتناقشون في الأفكار ، وإن ذوي العقول المتوسطة يتناقشون في الأشخاص ، وإن ذوي العقول الصغيرة يتناقشون في الأشياء) ، وقال أحدهم : ( إن العقول إذا ارتقت التقت) . ويَعْتبِر الشاعر نفسه رائد التوفيق الثوري بين التراث والمعاصرة، متخذاً بذلك شعاراً من قول الإمام علي كرّم الله وجهه : (خير هذه الأمة النمط الأوسط يلحق به التالي ويرجع إليه الغالي، اليمين مضلّة والشمال مضلّة والجادة هي الوسطى) ، وهذا تفسير لقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [البقرة: 143] ؛ فالوسطية التي تجمع بين محاسن أهل اليمين وأهل الشمال هي ما يتحراه في موقفه الحضاري موفقاً بين الولاء للتراث وبين المعاصرة.
ولم يتزوج الشاعر، فقد آثر العلم على الزواج كما هو شأن بعض العلماء السابقين كالإمام النووي والزمخشري وجمال الدين الأفغاني وابن تيمية وسيد قطب وغيرهم. ولم يعان أزمة حرية ، لأن الأزمة ليست أزمة حرية إنما هي أزمة أحرار ، ولأن كل مايريد أن يقوله فقد قاله ضمن الشروط التي كانت قائمة في ذلك الزمن ، وعندما ينظر الآن إلى أعماله الشعرية الكاملة ويجد فيها الإشارة إلى بعض الأشخاص أو الرموز التاريخية التي كانت حينها ، أحياناً يتلف هذه النصوص لصلتها بالجانب الشخصي ؛ لأن التجريد عنده أهم بكثير من الشخصنة مهما كان قدرهم ، فأهمية الفكرة أكبر من أهمية الشخص ، إذ لا بد للفكرة من حامل يرفع لوائها .
وفاة محمد منلا غزيل
توفي في صباح يوم الثلاثاء 25 ربيع الأول 1437هـ الموافق لـ 5 يناير 2016 ، ودفن في مقبرة الشيخ عقيل المنبجي في مدينة منبج بريف حلب الشرقي.